"خيانة أم تسوية" كيف تلاعب البرهان بالحركة الإسلامية وقبل بالمبادرة التركية


في تطور سياسي خطير، كشف وزير الخارجية السوداني "علي يوسف" أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وافق على المبادرة التركية للوساطة بين السودان والإمارات، وهو ما يفتح الباب أمام تحولات جذرية في المشهد السياسي والعسكري السوداني. وبينما يحاول الجيش الترويج لهذه الخطوة كخيار استراتيجي، إلا أن التفاصيل المسربة تشير إلى أن البرهان قد قدَّم تنازلات غير مسبوقة، على رأسها القبول بخروج الدعم السريع من الخرطوم والجزيرة مقابل منح دارفور حكمًا ذاتيًا، وهو ما يعني عمليًا إعادة رسم خارطة السيطرة في السودان.

بالرغم من محاولات التغطية الإعلامية، تؤكد عدة مصادر أن البرهان وافق بالفعل على المبادرة التركية التي تقضي بوقف إطلاق النار لمدة عام، في خطوة تعكس تراجعًا واضحًا عن وعود الجيش السابقة بالقضاء على الدعم السريع. هذا الاتفاق يطرح تساؤلات حول مدى التزام الجيش بالحرب التي رفع شعارها، ويكشف عن تنازلات كبرى من أجل تحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى.

الأخطر من ذلك، أن الموافقة على الحكم الذاتي لدارفور تمثل صفعة قوية للإسلاميين، الذين طالما اعتبروا أن السودان "وحدة غير قابلة للتقسيم". هذه الخطوة تثير حالة من الغضب داخل أوساط الحركة الإسلامية، خاصة أن البرهان بدأ تدريجياً في إبعادهم عن دوائر صنع القرار منذ فترة.

بالتوازي مع هذه التسوية، تتحدث تسريبات مؤكدة عن نية الجيش تنفيذ حملة اعتقالات موسعة ضد عناصر النظام السابق، في محاولة لاسترضاء الوسطاء الإقليميين وإثبات أنه مستعد للقطيعة مع الإسلاميين. هذه الخطوة ليست مجرد ضربة أمنية، بل هي محاولة لتمهيد الأرضية أمام مستقبل جديد لا يكون فيه للحركة الإسلامية أي نفوذ داخل المؤسسة العسكرية.

بعض التقارير تشير إلى أن قائمة الاعتقالات تشمل قيادات بارزة كانت على اتصال وثيق بالمؤسسة العسكرية خلال العقود الماضية، وهو ما يعكس تحولاً كبيرًا في سياسة البرهان، الذي كان يعتمد على هذه القيادات لضمان استمرارية حكمه.

موافقة البرهان على المبادرة التركية فجرت انقسامًا داخل الجيش نفسه، حيث يرى بعض القادة العسكريين أن هذه الخطوة تمثل خيانة لشعارات الجيش خلال الحرب، بينما يعتقد آخرون أن هذا هو المخرج الوحيد لتجنب استمرار النزاع واستنزاف القوات المسلحة.

أما داخل الحركة الإسلامية، فقد ساد الصمت في البداية، لكن التقارير تشير إلى اجتماعات مغلقة بين قياداتهم لبحث كيفية التعامل مع "خيانة البرهان"، وسط مخاوف من أن تكون هذه بداية لانتهاء نفوذهم في السودان.

ما يحدث اليوم ليس مجرد اتفاق سلام، بل إعادة ترتيب كاملة لموازين القوى في السودان. الجيش الذي كان يروج لنفسه كحامي البلاد، يظهر الآن بموقف المتنازل، بينما الإسلاميون الذين ظنوا أنهم جزء أساسي من المنظومة العسكرية يجدون أنفسهم على الهامش.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Initiative by Forward Defense Committee to Dismiss Allegations Against Hamdok and Others

A Concerning Message: The International Muslim Brotherhood’s Eid al-Adha Address

Abdalla Hamdok: A Visionary Leader for Peace in Sudan