الجيش السوداني وأحداث جنوب السودان.. لعبة نفوذ تهدد الاستقرار


شهدت منطقة الناصر في ولايتي أعالي النيل وغرب الاستوائية بجنوب السودان مواجهات دامية بين قوات الحكومة بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – المجموعة الحكومية الدولية، وقوات المعارضة الرئيسية بقيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية، رياك مشار. هذه الاشتباكات ليست مجرد نزاع داخلي، بل تشير تقارير عديدة إلى أن الجيش السوداني يلعب دورًا خفيًا في تأجيج الصراع، مستغلًا حالة الهشاشة السياسية في جوبا للضغط عليها.
 
تسعى الخرطوم إلى استخدام هذه الاضطرابات كورقة مساومة، إذ تأمل في دفع حكومة جنوب السودان إلى تقديم دعم عسكري أو سياسي للجيش السوداني في حربه المستمرة ضد الحركات المسلحة في دارفور. هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد ظل الجيش السوداني لسنوات يستخدم تكتيكات مماثلة لإضعاف جوبا وضمان بقائها تحت النفوذ السوداني.
 
يذهب بعض المراقبين إلى أن الجيش السوداني لا يكتفي فقط بخلق التوترات، بل يعمل بطرق غير مباشرة على تمويل وتسليح بعض الفصائل المعارضة داخل جنوب السودان. هذه الخطوة تهدف إلى إبقاء البلاد في حالة اضطراب مستمرة، ومنع أي جهود فعلية نحو تحقيق سلام مستدام. يرى المحللون أن السودان يسعى إلى عرقلة أي اتفاقات من شأنها توحيد الفصائل الجنوبية تحت مظلة واحدة، إذ أن استقرار جنوب السودان قد يعني تقلّص قدرة الخرطوم على استخدامه كساحة لتصفية حساباتها السياسية والعسكرية.
 
إن استمرار التدخل السوداني في شؤون جنوب السودان يضع البلاد على حافة حرب أهلية جديدة، بعد سنوات من التوترات والاقتتال الذي أنهكها. فبدلاً من الدفع نحو السلام والاستقرار، يعمل الجيش السوداني على تعزيز الانقسامات الداخلية، وهو ما قد يؤدي إلى عودة الصراع إلى مستويات أكثر دموية. تدعو المنظمات الدولية والإقليمية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه التدخلات، حيث أن تصعيد الوضع في جنوب السودان لن يقتصر تأثيره على البلاد وحدها، بل سيمتد ليشمل المنطقة بأسرها.
 
تظل محاولات الجيش السوداني لاستخدام جنوب السودان كورقة ضغط سياسية وعسكرية خطرًا كبيرًا على استقرار المنطقة. وإذا لم يتم كبح هذه التدخلات، فقد تجد جوبا نفسها مجددًا في أتون حرب أهلية جديدة، يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب الجنوبي الذي عانى لعقود طويلة من الصراعات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Initiative by Forward Defense Committee to Dismiss Allegations Against Hamdok and Others

A Concerning Message: The International Muslim Brotherhood’s Eid al-Adha Address

Abdalla Hamdok: A Visionary Leader for Peace in Sudan