مجزرة الكومة.. الجيش السوداني يقصف قافلة إغاثة أممية ويقتل عمال إنسانيين
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات، استهدفت قوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، قافلة مساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) في مدينة الكومة بولاية شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل أكثر من أربعة من العاملين في المجال الإنساني وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
القافلة، التي كانت في طريقها لتوصيل مواد غذائية عاجلة إلى المناطق المنكوبة، تعرّضت لقصف جوي مباشر من طائرة تتبع قوات بورتسودان، بحسب ما أكدته مصادر من الأمم المتحدة وشهود عيان في المنطقة. الحادث وقع يوم الإثنين، على مسافة نحو 80 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تشهد معارك ضارية بين قوات الدعم السريع والجيش.
الهجوم الذي وصفته قوات الدعم السريع بـ"الوحشي"، يُعد استهدافاً متعمداً للعمل الإنساني في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في تاريخه الحديث، ويواجه خطر المجاعة الحقيقية. وأدانت قوات الدعم السريع في بيان رسمي ما وصفته بـ"الاعتداء السافر على قافلة إنسانية لا علاقة لها بأي نشاط عسكري"، محملة الجيش السوداني المسؤولية الكاملة عن الهجوم.
هذا الاعتداء ليس الأول من نوعه؛ فمدينة الكومة نفسها شهدت خلال عطلة نهاية الأسبوع غارة جوية على سوق مدني، أسفرت عن مقتل 89 شخصاً على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال. وتشير التقارير إلى أن الجيش كثف في الآونة الأخيرة من استهدافه للمراكز والأسواق والمساعدات الإنسانية في المناطق الخارجة عن سيطرته.
المراقبون يرون أن استهداف قوافل الإغاثة الأممية يؤكد تعمُّد قوات الجيش إطالة أمد الأزمة الإنسانية، ومنع وصول المساعدات إلى المدنيين في المناطق المحاصَرة أو الخارجة عن سيطرته، في وقتٍ تُسجّل فيه نسب انعدام الأمن الغذائي أرقاماً قياسية، وتدق منظمات الإغاثة ناقوس الخطر بشأن وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق.
من جانبهم، حمّل نشطاء ومنظمات حقوقية المجتمع الدولي مسؤولية الصمت على هذه الانتهاكات، داعين إلى فتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن استهداف طواقم إنسانية تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.
في بلد تحترق أطرافه بنيران الحرب والتجويع الممنهج، تأتي مجزرة الكومة كدليل جديد على أن قوات الجيش السوداني لم تعد تفرّق بين جبهة قتال وشاحنة إغاثة، بين عدو ومُنقِذ. والضحايا – كالعادة – هم المدنيون الأبرياء، ومن يحاولون إنقاذهم.
تعليقات
إرسال تعليق